Monday, 25 June 2012

كي لا ننسى امانة عمان 2






في امانة عمان، اذا لم يكن لك ظهر يساعدك في الحصول على مكافئات وزيادات وما الى هنالك من امتيازات، تستطيع بكل بساطة ان تزور، وعلى حد متابعتي المتواضعة انه لن تتحمل اي مسؤولية قانونية لانه ولغاية الساعة لم اسمع عن مسؤول او "قطروز" في الامانة دخل السجن.

المهم انه وكما ورد في تقرير ديوان المحاسبة، تم في الامانة تزوير ٨٠ معاملة بتوقيعات منها: توقيع امين عمان، ونائب امين عمان، ومدير المدينة، والختم الخاص بالسيد مدير الموارد البشرية، وتشمل هذه التزويرات ما يلي:

٢٤ معاملة زيادة راتب

٢٣ معاملة تحويل وظائف
٢ معاملة انتداب
٣١ معاملة صرف مكافأة مالية
وبلغ الاثر المالي المترتب على هذه المعاملات ٢٨٨٤٥ دينار.

هل  اصبح التزوير شيء عادي في امانة عمان، لدرجة ان عشرات من موظفي الامانة استطاعوا تزوير وثائق رسمية لللحصول على مكاسب شخصية؟ او ان هناك تنظيم اجرامي مسؤول عن هذه الحالات يتقاضى اجور او نسب من المكاسب المتحققة؟ الوضع مأساوي في كلتا الحالتين. الحالات المذكورة ما هي الا ما استطاع ديوان المحاسبة كشفه، ما خفي اعظم...

لغاية تاريخ كتابة تقرير ديوان المحاسبة لم يتم اتخاذ الاجراءات القانونية بحق المتسببين، ولم يتم حتى استرداد المبالغ المصروفة على القرارات المزورة اللهم ان امين عمان اوقف العمل بهذه القرارات، ولغاية لحظة كتابتي لهذا المقال لم اسمع او ارى او اقرأ اي خبر عن حبس اي من موظفين الامانة مع ان قانون العقوبات الاردني واضح فيما يتعلق بالتزوير حسب الماادة ٢٦٢والتي تنص على:
١- يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة خمس سنوات على الأقل الموظف الذي يرتكب تزويراً مادياً في أثناء قيامه
بالوظيفة ، إما باساءة استعمال إمضاء او ختم او بصمة أصبع او إجمالاً بتوقيعه امضاء مزوراً ، وإما بصنع صك او
مخطوط  وإما بما يرتكبه من حذف او إضافة تغيير في مضمون صك او مخطوط.
٢- لا تنقص العقوبة عن سبع سنوات اذا كان السند المزور من السندات التي يعمل بها الى ان يدعى تزويرها.
٣- تطبق أحكام هذه المادة في حال إتلاف السند إتلافا كلياً او جزئياً.
لماذا تتم الطبطبة على هكذا تصرفات، المبلغ الاجمالي المترتب على هذه التجاوزات ليس كبير، ولكننا نعيش في دولة قانون، ويجب تطبيق القانون، ليكون المخظئ عبرة لغيره، لما في ذلك من تقويم للمجتمع بأكمله.

ينتابنى شعور باليأس والقرف عندما ارى حجم التسيب والاهمال والترهل والحرمنة، الى متى؟ تردد كثيرا ان هناك زمرة صغيرة متنفذة فاسدة جشعة تنهب الاموال العامة، ولكن يبدو لي ان الفساد مستشري، كالسرطان تسلل بخبث في جسد الامة الهزيل ليزيده مرضأ وتعبأ وانهاكا. يا حسرتي...

Saturday, 23 June 2012

كي لا ننسى امانة عمان 1


جميع الشخصيات والاحداث الواردة في القصة ليست من نسج الخيال، واي تشابه بين احداث القصة والواقع مقصود 100%.



كان يا مكان، في قديم الزمان، كان هناك اربع اعضاء في مجلس امانة عمان يملأهم الطموح وحب التعلم لدرجة انهم، واقتداء بالحديث الشريف "اطلبو العلم ولو في الصين"، قرروا الذهاب لشيكاغو لحضور دورة عن العمل البلدي وخدمة المجتمع المحلي، بدون تلقي اي دعوة من المنظمين! بغض النظر عن الاختلافات الاقتصادية والجغرافية والديمغرافية بين عمان وشيكاغو اصروا على الذهاب... ذهبوا فقط حبا في العلم!

لم يتسنى للأعضاء الحصول على موافقة رئيس مجلس الوزراء كما ينص القانون، ولحبهم منقطع النظير للعلم والتعلم، قرروا التغاضي عن هذا الاجراء البيروقراطي،  وبالفعل قاموا بحجز تذاكر الطائرة والفنادق وتوجهوا الى شيكاغو.  ولحرص اعضاء المجلس الموقر على الاستفادة ونشر العلم قدر المستطاع، قرر عضوان دعوة زوجة احدهم وابن الاخر لحضور المؤتمر معهم، وعلى نفقة الامانة! يا الله ما هذا التفاني والاخلاص!!


ولطول مدة الرحلة من عمان الى شيكاغو، ورغبة من الاعضاء الموقرين ومرافقيهم بالاستفادة قدر المستطاع من محتويات الدورة، قرروا السفر على متن درجة رجال الاعمال، لنيل اكبر قدر من الراحة على متن الرحلة ليكونوا بكامل طاقتهم عند وصولهم لينهلوا من العلم والمعرفة ما استطاعوا!! كلفة الرحلة التي تحملتها امانة عمان بلغت 13085 دينار، لا تكاد تعني شيئا بالمقارنة بما سينهله اعضاء المجلس الموقر ومرافقيهم!

بعد نهاية الدورة اصر الاعضاء الافاضل تمضية وقت اطول في "مدينة الريح" لنيل المزيد من المعرفة، فمددوا اقامتهم 15 يوما, ولتجنب اضاعة الوقت في اخذ موافقة اخرى، قرر الاعضاء الافاضل تعديل الموافقة الاولى (غير الموقعة من رئيس الوزراء) واضافة 15 يوم على احد بنود الموافقة بعد توقيع الوثيقة.  ارجو عدم التسرع بوصف هذا العمل بالتزوير، هذا ما هو الا تفاني واخلاص وحرص على وقت الامانة وموظفيها. تكلفة اقامة الشلة في امريكا بلغت 9558 دينار، وهذه ايضا نقطة في بحر الخبرات المكتسبة في هذه الرحلة.

بعد عودة الاعضاء الافاضل، ويجوز لنا تسميتهم الان بالنوابغ او العلماء، بعد عودتهم من هذه الرحلة قررت الامانة صرف مكافأت لهم، لتعويضهم عن المجهود المضني في حواري شيكاغو بحثا عن العلم والمعرفة لخدمة وطنهم واهلهم، وكذلك كان، صرفت المكافأت بقيمة 9912 دينار. وعاش بعدها اعضاء المجلس ومرافقيهم حياة سعيدة مليئة بالحب والنجاح...  وتوته توته خلصت الحدوتة!!!

Wednesday, 20 June 2012

اعود او لا اعود


 تم نشر هذا المقال في موقع في المرصاد


منذ فترة سافرت الى اوروبا باحثا عن رزق شح في بلدي، وخبرة تميزني، وعلم يزيدني كفاءة ومقدرة لكي اصنع مستقبلاً مشرقاً لي ولمن احب.  ما زلت اذكر بوضوح اخر ليلة لي في بيتي في عمان، واذكر الطريق المؤلم الى المطار في صباح اليوم التالي حيث بكيت بحرقة وانهمرت دموعي بغزارة، شريط ذكرياتي مر في مخيلتي والحزن يخيم على كل ذرة فيّ.  ودعت اهلي في المطار، ومضيت في طريقي، تاركاً ورائي وطني واهلي واصدقائي، ومسلحاً بذكرياتي واملي في العودة يوما ما. مر الزمن بطيئا في البداية، ولكنه سرعان ما غافلني وانطلق بسرعة البرق لارى نفسي الان بعد خمس سنوات انسان بلا هدف، بلا وطن، بهوية مشوهة وقيم هجينة . اشعر بالحنين في غربتي وبالغربة في وطني. يراودني سؤال عسير ارقني، سؤال كم اتمنى اجد اجابته، سؤال وما اصعبه من سؤال: اعود او لا اعود؟


لماذا اعود يا هل ترى؟؟


أاعود لكي ارجع الى حياتي الماضية التي احن اليها في غربتي؟  ولكن هذه الحياة قد تلاشت... اصدقائي ترك جلهم الوطن، لنفس الاسباب التي تركته من اجلها: جميل ومأمون في الامارات، سائد وفيصل وصائب في امريكا فادي في المانيا ليث ورزق في كندا وغيرهم الكثير.  حتى من بقا منهم فهم غارقون في اعمالهم، يلهثون ليل نهار لتأمين لقمة عيشهم، ومن تسنح له فرصة السفر لا يفوتها وحين التقيهم، اعني من بقي منهم في الاردن، ارى في عيونهم هما، اظنهم لا يشعرون به، هما خبيثا تسلل الى حياتهم رويدا رويدا...


أاعود لكي انعم بالامن والامان في بلدي الذي طالما تغنينا به طيلة عقود مرت؟ ولكن هذه الميزة ايضا في طريقها للتلاشي... اقرأ وبشكل يومي اخبار الاردن، واصدم للكم الهائل من العنف الذي يمزق مجتمعنا، المشاجرات العشائرية اضحت جزئا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ولم تقف عند هذا الحد وحسب، بل تطورت الى مشاجرات مسلحة في داخل الجامعات، منبع بناة المستقبل، وصناع الحياة!! وللاسف وصل العنف الى البرلمان الذي من المفترض ان يجمع تحت قبته صفوة الصفوة، وخيرة رجالات البلد، فرأينا نائب اشبه بثور هائج - مع خالص اعتذاري للثور طبعا - ينطح بكل همجية وتخلف كل من يخالفه الراي. في كافة المجتمعات الجريمة موجودة، لكنها تكون في الغالب حالات فردية من اشخاص خارجين عن القانون مكانهم الطبيعي هو السجن، لكن العنف والخروج عن القانون في مجتمعنا اصبح ظاهرة، ايعقل ان يكون مكان المجتمع بأسره في السجن؟


أاعود لكي اعمل واكد واعرق في بلدي لاستفيد من خيراتها؟ ولكن خيرات بلدي الشحيحة اضحت فريسة لذئاب مترفة جشعة، التهمو بوحشية ما تبقى من قوت الشعب، ولسد الفراغ ترفع الحكومة تارة الضرائب، وتارة اخرى المحروقات والكهرباء والمواطن المسكين يدفع الثمن بلا كلل او ملل... التعليم والتامين الصحي والضمان الاجتماعي وغيرها من اساسيات الحياة اصبحت في وطني كماليات بينما هي حقوق مكتسبة في اي بلد يحترم مواطنيه.


أاعود لاعيش في الفضاء العربي الذي احن اليه كل صباح ومساء؟ ولكن الاردن الان ما هو الى بؤرة معزولة عن كل ما حولها! في اوروبا على سبيل المثال يستغل بعض المواطنين اي عطلة للسفر الى البلاد المجاورة، فيستأجرون "كرفان" ويسافرون بسيارتهم لقضاء اجازة لا تكلفه سوى ثمن الوقود، بدون ان يقفوا على اي نقط حدودية، وبدون ان ينتظروا في طوابير طويلة مرهقة لاستصدار التاشيرات.  اذكر درس الاجتماعيات في احد الصفوف الاولى حين كنا نحفظ: يحد الاردن من الشمال سوريا ومن الجنوب السعودية ومن الشرق العراق ومن الغرب فلسطين المحتلة، وحين افكر جليا في ذلك اصاب بالاحباط، فكل تلك الوجهات موصدة في وجه كل من يرغب بالترويح عن نفسه، الشعب بأكمله اسير في سجن كبير!

وبالرغم من كل ما تقدم، يخوض عقلي معركة خاسرة مع حنيني، عقلي ما زال صامدا لغاية الان، ولكن الى متى؟؟ احن الى كل شيء في بلدي، اشتاق الى موظف الجوازات في المطار، اشتاق الى مضيفين ومضيفات الملكية الاردنية -الاردنين منهم طبعا-، اشتاق الى لوحات المركبات وعليها اسم الاردن، اشتاق الى هواء بلدي، اشتاق الى رائحة الياسمين في الويبدة وجبل الحسين، اشتاق الى عبق الماضي في جبل عمان، والى البساطة والجمال في وسط البلد، اشتاق الى سائقي التاكسي وقصصهم التي لا تنتهي، اشتاق الى الفلافل والحمص والفول والشاورما، اشتاق الى صوت اذان المغرب ممزوجا بنسمة صيفية منعشة، اشتاق الى جمعة العائلة في ايام الثلوج حول المدفأة ورائحة الكستنا والخبز المحمص تملأ المكان، والقائمة تطول وتطول وتطول... ااعود او لا اعود.


نظرة رياضية للفساد


قمت بمشاهدة مقطع على موقع عرمرم  بعنوان "نيقولا ومكافحة الفساد"، الحلقة تدور حول سؤال بسيط: "هل مكافحة الفساد ستطال الجميع ام من ليس له ظهر؟"بعد التفكير بالسؤال شعرت ان الموضوع ليس ابيض او اسود، في الوسط تقبع درجات لا حصر لها من الرمادي. لذللك استعنت ببعض المعادلات الرياضية


حازت في الكثير من الاحيان قصص فاسدين من الوزن المتوسط والخفيف على زخم اعلامي، بينما الملفات الضخمة بقيت تتوارى املا في ان تنسى يوما ما، لذلك فالحجم الظاهر ليس بالضرورة هو الحجم الحقيقي للفساد والسرقة:
الحجم الضاهر للفساد= القيمة النقدية المسروقة \ دهاء وذكاء الفاسد
من المعادلة السابقة نسنتج ما يلي:
1. حجم الفساد يتناسب طرديا مع القيمة النقدية لعملية السرقة اي: كلما زادت القيمة المسروقة زاد الحجم الظاهر للفساد
2. حجم الفساد يتناسب عكسيا مع دهاء وذكاء الفاسد: اي كلما زادت فهلوية الفاسد قل الحجم الظاهر للفسادباختصار: الفاسد الذكي يستطيع سرقة الكثير من الاموال بدون ان تطفو مصائبه على السطح بينما الفاسد الحمار تفوح رائحته النتنة حتى لو كان اختلس باكيت شاي الغزالين وبريق ستانلس


اما امكانية محاسبة الفاسد فتعتمد بالضرورة على ضغط الشارع والحجم الظاهر للفساد، ولكن قوة ظهر الفاسد تلعب دورا في غاية الاهمية:
امكانية المحاسبة = (ضعط الشارع * الحجم الظاهر للفساد) \ قوة الظهر
من المعادلة السابقة نستنتج ما يلي:
1. امكانية المحاسبة تتناسب طردياً مع حجم الفساد وضعط الشارع اي: كلما زاد حجم الفساد او زاد ضعط الشارع زادت امكانية المحاسبة
2. امكانية المحاسبة تتناسب عكسيا مع قوة الظهر اي: كلما زادت قوة الظهر قلت امكانية المحاسبة


وكون هدف اي انسان غير فاسد زيادة امكانية المحاسبة: علينا العمل على الجبهات الثلاث:
1. زيادة ضغط الشارع: ومن هنا رسالة الى كل مناهضي الحراك الشعبي: "صفو على اليمين" لولا الحراك لما وصلنا لما وصلنا اليه. وعلى الحراك الاستمرار لمنع التخاذل في محاسبة الفاسدين في منتصف الطريق، والحذر الشديد من اي مكائد يمكن ان تحاك لشق الصف، والابتعاد عن اي استفزازات يمكن ان تشوه الصورة العامة للحراك
2. المحافظة على حجم الفساد على ما هو عليه عن طريق المتابعة الحثيثة للملفات الساخنة لمنع الطبطبة واخفاء الادلة: وهذا بالمناسبة احد اسباب عدم الافراج عن المعاني لفترة طويلة وعدم الافراج عن الذهبي بعد اكثر من 15 طلب تكفيل.
3. محاولة البحث وبسرعة عن رعاة الفساد وتعريتهم امام الناس: وهنا يأتي دور الصحافة.



انتماءات غريبة






في احد زياراتي الى مسقط رأسي  عمان، اتفقت ان التقي مع أاصدقاء الدراسة في احد المقاهي في عمان، لايصال ما تقطع من علاقات في غربتي. وصلت بعد عناء طويل من جراء الازدحام الشديد على الطرق، لاكتشف ان موعدنا تزامن مع مباراة قطبي الكرة الإسبانية برشلونة وريال مدريد.

المشهد غريب بكل معنى الكلمة: المقهى ممتلئ بشكل كامل وشاشات عرض كبيرة تملئ المكان. الشباب في تشنج غير عادي مشدودين إلى اقدام اللاعبين يصرخون بحنق تارة ليندبوا حظ رونالدو العاثر، وبفرح تارة اخرى ليتغزلوا ب “معلمية” ميسي وقدرته العالية في خطف الكرات والمراوغة.

كان الجو بشكل عام مشحون لدرجة كبيرة: الاعصاب مشدودة والتوتر باد على وجوه الشباب. لم اكن انوي مشاهدة المباراة لكن الجو العام فرض علي ذلك، وخصوصاً ان بعض من اصدقائي كانوا ايضاً من متابعين الدوري الإسباني. تسائلت في داخلي كيف استطيع تشجيع فريق لا يشاركني في شيء؟ على سبيل المثال انا اتابع مباريات المنتخبات الاردنية بشغف كبير، لان فوز اي منها يعني رفع اسم بلدي في المحافل الدولية، وكذلك الحال في مباريات الفرق العربية. اما ان اعشق فريق لا يشاركني في اي شيء الى هذا الحد، فهو غريب وغير مفهوم بالنسبة لي. سيطر التعادل السلبي على اجواء المباراة المشحونة الى حوالي الدقيقة الثلاثين حين استطاع الارجنتيني ميسي خطف هدف السبق، التهبت الحناجر بالهتاف والصراخ، كيف لا وقد هز ميسي شباك كاسياس! ازداد التساؤل في داخلي عن سبب فرح هؤلاء الشباب، لماذا يجب علي ان افرح لتسجيل لاعب ارجنتيني، يلعب لنادٍ اسباني هدفاً في مرمى نادٍ اسباني اخر؟؟!

بعد بضع دقائق من بداية الشوط الثاني، سجل برشلونة هدفه الثاني في مرمى الريال الذي كان يصارع لتسجيل هدف التعادل، هيستيريا دبت في أرجاء المقهى. انصار النادي الكتالوني يصرخون ويقفزون فرحا وانصار النادي الملكي في حالة من الاحباط والانهيار يرثى لها، بعضهم همّ بالخروج من المقهى تفادياً لما سيتعرضون له من مضايقة من الكتالونيين، والبعض الاخر ما زال تحت تأثير الصدمة يقفون ويديهم على رؤوسهم. احد الشباب الذي ظننت انه ولوهلة ابن عم رونالدو من شدة انفعاله اثناء المباراة، ادار كرسيه عن الشاشة وأشعل سيجارة، أخذ نقساً عميقا واسند جبهته بأصابع يده اليمنى، واخذ ينفث الدخان الى الاسفل محدقا بيأس على الارض.

ما ان اعلنت صافرة الحكم عن نهاية المباراة، حتى هب من تبقى من شباب الى الشوارع في فرح عارم، وما هي الى دقائق حتى بدأنا نسمع زمامير السيارات واصوات التشحيط. وبعد ان هدأت الاصوات نظرت الى المقهى من حولي وأذ به فارغ تماما الا من بعض الطاولات التي لا يتجاوز عددها اصابع اليد الواحدة. فجأة راودني شعور غريب عجزت عن تفسيره، تناولت رشفة مما تبقى من كوب الشاي لاشغل نفسي فوجدته بارداً ومراً ليزيد من تخبطي. دفعت حسابي، وخرجت من المقهى برفقة اصدقائي وافترقنا كل الي بيته.
My photo
بازل - سويسرا
اردني مغترب متزوج واعمل في مجال التكنولوجيا، اتابع اخبار الاردن يوميا، وفي صراع متواصل: اعود او لا اعود؟ اكتب لاردن افضل، اردن خالي من الفساد، اردن لكل الاردنيين